Thursday, December 06, 2007

صناعة الله "السياسي"



"إن نشأة الله في مجتمعنا هي نشأة سياسية أكثر منها ربانية"

صحيح أن البحرين كانت تدعى بلد الإيمان والمؤمنين وذلك نتيجة للتدين الضارب في عمق الثقافة الشعبية لهذا البلد، وصحيح أن البلد مر بفترات فتور في دعم الإيمان، كما هو الحال في الخمسينيات الى السبعينيات، ولكن هذه النشأة القوية للتيار الديني الإسلامي بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أعطى زخما لبروز تيار إسلامي يتخذ من الله محورا لكل حركاته بما فيها السياسية، وعليه تم البدء بالتركيز على صناعة الله السياسي طيلة الثمانينيات الى يومنا هذا

إن "الله السياسي" لا يقصد منه هنا كيف يستخدم النظام الحاكم الله في تسيير اموره وفرضها، بل حتى في كيفية استخدام رجال الدين لهذا "الله" وفرض أفكارهم السياسية على المجتمع بقدرة أن الله هو الآمر الناهي

ففي المثال الأول لدينا مثال قريب، هو حديث مدير الحقبة السوداء خليفة بن سلمان عن الله وأنه كان مطمئنا أن كل ما قام به من قتل وتعذيب وتهجير واستباحة للشعب هو بعين الله وأنه مقتنع من رضا الله به، فهذا يحيلك إلى طريقة استخدام الله السياسي في جدليات الخطاب بحيث ان المعترض على هذا كالمعترض على الله، ألا نراه في كل عيد يصلي ، إذا هو مؤمن، كذلك تلعب الأنظمة ب"الله" في تحركها من أجل تثبيت حكمها لا من أجل مصلحة الناس

وفي المثال الثاني، فإن الله السياسي حاضرا وبقوة أكبر، فأي توجيه سياسي يستتبعه "أن فيه رضا الله" ألم تكن نصيحة السيد السيستاني هو طاعة الله ، ألم تكن المطالبة بالبرلمان الدستور الوضعي، هو جهاد في سبيل الله، ألا يخرج الناس في مظاهرات لا علاقة لله بها ليهتفوا "الله أكبر" و"النصر للإسلام" وليس لله او للإسلام دخل في موضوع المظاهرة التي خرجوا فيها ؟ هنا يكمن توظيف الله السياسي ليخدم أجندة التيار الإسلامي، فالتيار الإسلامي يرسم لنفسه منظومة يتحرك من خلالها لها عدة أجنحة، ولكن الله هو المحور لكل هذه الأجنحة، فهم ينطقون أن السياسة عين ديننا ، وديننا عين السياسة، وأنهما مندمجان بحال يصعب عليك تحديد الخط الفاصل بين الدين والسياسة؟ فهم عندما يتكلمون يقولون لك لا فرق ولا تفريق بين الدين والسياسة، ويحاولون بقدرة قادر التأصيل لهذا المفهوم ، وهو مفهوم يخدم الله السياسي ولا يخدم الله الرباني، وينسون، أو يتناسون، قرون من تحريم الولوج بالسياسة، ولولا أن أقوى حركة استطاعت فرض التقارب بين الديني والسياسي قبل مئة عام تقريبا في المستبدة والمشروطة، لكنا لا نزال نرى أن اي تحرك قبل الظهور محرم؟ فكيف أصبح حاضرا هذا "الله السياسي" حتى أصبح مسيطرا على "الله الرباني"

3 comments:

Anonymous said...

أش رايك في صناعة الله العلمي ؟ فبدل أن يكون العلم بلا الله كما هو حاصل في الغرب يكون الله أساس العلم

فهكذا قامت أوربا الداروينية العلم بلا الله فلا يوجد الله في أسطورة الخلق وكل حضارة تقوم على أسطورة خلق وجواب لسؤال من أين أتينا وحضارة اوربا وامريكا قامت على جواب داروين في الخلق والعلم بلا الله

وما يحدث حالياً في امريكا هي محاولة استبدال العلم اللاديني ونظرية داروين بعلم ديني ونظرية خارطة الذكاء

فالصناعات موجودة حتى في أمريكا

ما أريد قوله في النهاية اللي قد يبدو بعيد عما تقول بس اعتقد انه قد يلتقي مع ما تقول ولو من بعيد

إنه كما نطق احد العلمانيين في ذلك البرنامج الوثائقي عن الدين أو العلم ( من انه الحضارات تقوم على اساس الإجابة على سؤال الخلق وإجابة هذا السؤال أو صناعته)

وهنا بيت القصيد كما أعتقد من أنه هنالك رابط اساسي بين دافع السؤال والأكتشاف في الإنسان وهو دافع اصلي واهم دافع في نظري وحتى دافع الجنس ينطوي تحت هذا الدافع ,, وبين غياب الله وقيام عباد الله بصناعته بحسب مقاساتهم ومصالحهم

فلو كانت هنالك إجابة واضحة وتامة 100 % لكل الأسئلة ومنها اهم سؤال الله والخلق

لما تقدمت البشرية فهذا السؤال الكبير هو في الواقع الدافع لتقدمها وصناعة حضاراتها

شيء اخر واخير الديني وإللاديني يعبرون نفس الفجوة بس كل واحد لطرف مضاد وهو طرف يتمتع بنفس المواصفات اليقينية والجمود

والله يريدنا في حركة وبركة وحضارة وتساءل مستمر هكذا خلقنا

فاطمة البحرانية

وعلى فكرة انا اللي كتبت تعليق الصناعات المتعددة لله كلاً يفصل على حسب مصلته الديني واللاديني والسياسي بس اصبت بالملل في منتصف التعليق لدرجة اني لم اكتب اسمي

فاطمة البحرانية

Ali Abdulemam said...

العزيز ة فاطمة البحراني

شكرا لك على استمرارك في زيارة مدونتي والاهتمام بالتعليق على كثير مما اكتب

لم ألتقط النقطة التي تودين الحديث عنها او اثارتها بالضبط ، أو لم أفهمها كما ينبغي، ولعله قصور في فهمي أنا وليس على بيانك

شكرا لك مرة اخرى

Anonymous said...

يا أخي الكريم لو قلن مثلاً ان الدين فقط للعبادة شنو يستفيد الإنسان من كل الأديان السماوية وشنو بيفيد الله من عبادة عميه، كان يخلق الملائكة وبس على الأقل ما بينقتل إنسان برئ واحد في الأرض بعدين ممكن يكون الأله إلي خلق الكون وعالم الغيب والشهادة صعب علية يفهم الأمور السياسية يعني شي غريب.

على كل حال حسب معرفتي المتواضعة ان أصل وجود الحاجة الى كل الاديان ترتيب وتنظيم العلاقة بين افراد المجتمع الواحد بجميع محتوياته واطيافه وفئاته وعلشان أكون أوضح أقرأ ولو العناوين في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع)