Saturday, July 21, 2007

صناعة الشيخ الديني ، بين المؤمنين والإيمان

"يكفي أن تعلق صورة أحدهم رافعا سبابته، أو قبضته وتكتب تحتها كلمة ثورية ، ليصبح شيخا ولكن قائدا "
البحرين، بلد الإيمان والمؤمنين، البلد الذي يطرد منه الخادم إذا لم يصل صلاة الليل، كان هذا سابقا
تلك الكلمة، كثيرا ما رددها شيوخ الدين، ويرددونها لأمرين، أولا تذكير بماضي عريق مرغوب حد التقديس، متصل بهم هم أنفسهم المقدسين، لأنهم إمتداد للمؤمنين في بلد الإيمان، والأخرى صناعة تحفيز الباقين على أن يتبعوا خطى المؤمنين في بلد الإيمان
كثيرا ما كانت محاضرات الثمانينيات والتسعينيات تستذكر وبصورة واضحة الأجيال السابقة لفقهاء البحرين ، ونابغيتهم العلمية، طرائفهم وقصصهم، حتى قبورهم أصبحت مزارات في الوقت الذي لا تمتلك هذه البقعة أي مزار مقدس ، الاستذكار ليس لتعريف الناس بماضيهم الذي كان ممنوعا من التداول عدا في بعض المخطوطات، وبعض المجالس الحسينية او الجانبية، بل كان من أجل استنفار الهمم من أجل صناعة ماض مشرق آخر جديد، يقوم على المؤمنين والإيمان، لذلك أتصور أن كثيرا من دعاياتهم كانت تقوم على أساس واحد، إتباع المؤمنين في بلد الإيمان، كان التحفيز واضحا لكي يكون لا خيار لك إلا المؤمنين في بلد الإيمان ، ولا من خيار آخر صحيح كان هذا هو الخطاب
المغزى الأساس هو التوطئة لذات المؤمنين، واعتبار المؤمنين هم القيادات، تلك كانت بداية صناعة الشيخ الديني الحديث ، الذي تلازمه لابد الثورية المطلقة
تعلق صورهم بعمائمهم، سبابتهم إما مرفوعة، أو قبضتهم مرفوعة، أو يدهم تلوح، تنتشر الصور كالنار في الهشيم في المآتم والمساجد والدواعيس والطرق، والآن عبر التقنيات الحديثة من انترنت الى موبايل، كلها لتقول لك، كم أن هذا "المؤمن" في بلد "الإيمان" دائما على صواب وترعب في أن تخالفه لأن المطلوب منك أن تنشأ لكي تفدي المجتمع وتنسى نفسك، أن جزء من هذه المنظومة التي تنتجك كثوري همه وطنه ودينه، وتنسى نفسك،هكذا ينطلق الخطاب
هكذا يصنع الشيخ الديني هذه الأيام، لم يعد للعلم مجال المقارنة والمضاربة، كما السابق، غريب أن ترى معظم هؤلاء المصنوعين من الشيوخ لا تراث لهم تقيمهم من خلاله إلا خطبهم وكلماتهم ، غريب أن تكون أحد أهم أسباب قوتهم في صنعتهم هو وكالات من خارج البحرين لمن يتفقون معهم في الخطوط السياسية ، تدعمهم وتلبسهم لباس "الثقة"
تعتمد صناعة الشيخ الديني على أصوليته في عصر اجتياح الأصولية وانعدام الإخبارية، وحزازيات التقليد لازالت بائنة،
جزء مهم من صناعة الشيخ الديني، هو صناعة المظلومية حوله، فيجب أن يكون شيخنا الديني مظلوم، تحبك الروايات حول حياته، أو مماته، او جنازته، المهم أنه مظلوم
صناعة الشيخ لا تقتصر على الشيخ البحراني هنا، بل تتعداه إلى الشيخ الخارجي أيضا، ذلك الشيخ المجهول محليا، ولكنك تصنعه محليا، ولعل من يعرفه ببلدك أكثر ممن يعرفه ببلده
صناعة الشيخ أيضا تعتمد في جزء كبير منها على كيفية إقناع الناس بالصلاة خلفه، أو ترديد كلماته
صناعته في طريقة التعامل معه، أن تقبل جبهته عند السلام عليه، أو يده، ان تفسح له في المجالس، أن توثقه في الأخماس، هذه أسباب انعكاسية لصناعة الشيخ
الصناعة تحمل الشيخ الديني إلى مرتبة عليا، فوق النقد ، فوق السؤال، محل التبجيل والتمجيد، وله جيش من المدافعين حتى لو أخطأ أو تناقض

2 comments:

Anonymous said...

سلام شقيق

نصوصك الأخيرة من صناعة الشيخ القبلي للشيخ الديني وأنجانوا هذولين عيالش تبدو نصوص مميزة بوضوح رؤيتها وبساطتها وعدم تعقيدها

عشان جذيه عندي عدة ملاحظات عليها بشكل عام أو هو تفاعل معها

أولاً هنالك فرق بين الشيخ الديني والشيخ القبلي

فالشيخ الديني " مشكلة جوانية" يعني مرض في الثقافة البحرانية

والشيخ القبلي " مشكلة برانية " يعني ثقافة برانية تحاول فرض وجودها على الثقافة الجوانية بإبادة الثقافة الجوانية بجميع إبعادها

والمشكلة الجوانية لها علاقة بالمشكلة البرانية ولكن المشكلة الجوانية لا تصبح هي ذاتها المشكلة البرانية لا تصبح شيء واحد

يعني أحدهم يسكن في المعامير وأصيب بسرطان اللوكيميا بسبب تلويث المصانع فمن أصيب بالمرض هو المعاميري مشكلة جوانية وان كانت ناتجة عن مشكلة برانية وهو التلوث بس التلوث مع المريض لا يصبحان شيئاً واحداً

والمجرم والضيحة لا يتساوان كما يحاول أحد الذين تنطبق علهم مقولة أنجانوا هذولين عيالش أثبات ذلك في إحدى كتبه التي أخذ عليها جائزة من القبيلة , حيث يحاول أن يثبت هذه المرة أنه المغتصبين الذين أغتصبوا البحرين لأكثر من مائتي عام أهون بواجد من الذين أغتصبوا البحرين لعدد من السنين وهم " الإباضية " ومو بس جذيه على الأم المغتصبة أن تقبل بقدرها سي السيد القبيلة

ما أريد قوله في الأخير انه الخبص وخلط الحابل بالنابل لا يأتي فقط من رجال السياسة ورجال القبيلة ولكن حتى المثقفين

ولست مجهولة الهوية أنا بإسم وهوية

فاطمة البحرانية

Ali Abdulemam said...

العزيزة فاطمة البحرانية

في البدء تبقين مجهولة فأنا لا أعرفك، وكذلك اسمك المستعار يذكرني باسمي المستعار السابق وهو علي البحراني فهو يبقى يدلل على المجهول الغير محدد قطعا

ما أثرتيه من ملاحظات جيد جدا، وأعتزم تناوله في حلقات قادمة من سلسلة صناعات التي ابتدئتها وأتمنى أن لا أوقفها