Sunday, December 26, 2004

الخلاف السعودي الخليفي من زاوية اخرى

تابعت كما تابع الكثيرين غيري ظهور خلاف بين البحرين والسعودية وهما عضوان في مجلس التعاون الخليجي، وحسب ما هو معلن فإن الخلاف هو حول اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها البحرين مع أمريكا وتذمر السعودية وقيامها بإيقاف حصتها من بئر أبو سعفة الذي يعتبر مخصصا للعائلة الحاكمة في البحرين خالصا لا يدخل في جيب الدولة شيئ منه، وإيقاف خمسين ألف برميل يوميا تصلنا عن طريق أنابيب لتكريرها وبيعها، والتلويح بفرض جمارك على بعض البضائع القادمة عبر البر إلى البحرين، كل ذلك يأتي في إطار تصعيدي العنوان العريض منه استفراد البحرين باتفاقية تجارة حرة مع أمريكا، لكن هل كان هذا هو السبب الحقيقي؟

تعتمد البحرين على وصول بضائعها الاستهلاكية بنسبة 90 بالمائة على الجسر الذي يربطها بالسعودية، وليست البحرين فقط فكل دول مجلس التعاون كذلك، والبحرين تعتمد على سكان المنطقة الشرقية في تسويق بضائعها في البحرين والسياحة، كل هذا يصب في مجال قوة للسعودية وضعف للبحرين ، فالمجمعات التي تقام في البحرين هي ليست لسوق البحرين، فهي أكبر من القوة الشرائية في البحرين ، ولكنها تستهدف سوق المنطقة الشرقية مع القوانين الصارمة التي تحرم الكثير من البضائع هناك

بالإضافة إلى ذلك فإن الاتفاق بين الدولتين إبان بناء الجسر يقضي بأن لا تقوم مشاريع استثمارية على الجانبين البحريني والسعودي من الجسر، وهذا ما بدأت البحرين تخالفه في الفترة الأخيرة وأعطت تراخيص لبعض المشاريع التي ستقوم قريبا من ضمنها فندق

السعودية كانت سابقا دائما ما تبدي التذمر من الحرية في البحرين وخوفها من أن يؤثر هذا على المنطقة الشرقية، وأن تحدث قلاقل في السعودية وكان أحد أسباب حل البرلمان هو الضغط السعودي، وهو ما أدى أيضا في فترة إلى تعطيل العمل بالدستور الكويتي

قبل كل هذا وذاك، فالبحرين تعتبر أقوى حليف وتابع للسياسة السعودية، فالسعودية لديها مشاكل مع بقية دول المجلس ولكن البحرين تعتبر تابع للسعودية، تمثل هذا في أول تصريح لولي عهد البحرين آنذاك والملك حاليا بأن ما يصلح للسعوديين يصلح لنا وما يصلح لنا يصلح للسعوديين، وتم تأكيده عندما أصبح ملكا وازدادت الهجمات من الإسلامويين في السعودية وقال أمن السعودية من أمن البحرين وأمن البحرين من أمن السعودية، هاتان الكلمتان تعبران بما لا يدع مجال للشك بأن السعودية لديها غطاء يفرض على البحرين عدم استقلالية قرارها وأنها تابعة، لكن في الفترة الأخيرة حاولت البحرين أن تخطو بخطوات منفردة عن السعودية، ابتدأت بالميثاق عندما أراد الملك أن يحول الدولة إلى مملكة، فأبدت السعودية انزعاجها وتم تغيير فقرة يقصد منها احتقار السعودية في الميثاق عندما أصبحت "نظام الحكم في البحرين يحدده الأمير وشعبه " وكانت هذه من بدايات محاولة البحرين الانفراد بالقرار،

لا أعتقد أن السعودية ستتضرر اقتصاديا بصورة مباشرة وفاعلة من خلال تطبيق اتفاقية التجارة الحرة ، لكن ما يفسر لي ذلك،هو العادات القبلية التي تحرك طبيعة الحكم في مشايخ الخليج، فالبحرين قبيلة ضعيفة تتبع القبيلة الأقوى وهي آل سعود، وهذا هو محور الكلام، فالعادات القبلية لا تسمح لأي شخص بأن يخالف التحالف القبلي، فالسعودية مارست أيضا ضغوطها انطلاقا من القبلية التي تفكر بها، ومنعت مساعداتها، وستحاول فرض جمارك، ولعله لو كان الزمن غير الزمن، لكانت السعودية ترقص العرضة استعدادا لغزو البحرين

أيضا سبب عناد البحرين يرجع إلى العادة القبلية، فالقبائل لا تحب أن تبقى أسيرة للأقوى، وتحب أن تستقوي بالغريب في سبيل تخلصها من القبيلة التي تميل إليها

هكذا هي قرائتي للحدث من زاوية اخرى

1 comment:

Anonymous said...

اعجبني اختيارك للموضوع وخاصة في ظل عدم وجود الكثير من المعلومات عن الاسباب الحقيقة وراء هذا الخلاف النادر بين المملكتين .

مع ذلك اختلف معك في بعض التحليلات و التفسيرات , خذ مثلاً مسألة الحريات في البحرين (ولا اقصد هنا الحريات السياسية بل الاجتماعية ), هذه الحريات في الحقيقة تصب في صالح النظام السعودي من منطلق اعطاء متنفس للافراد داخل اللملكة الكبيرة للتنفيس عن انفسهم في ظل رضوخ الدولة السعوية للضغط السلفي بكبت كافة الحريات في الداخل .هذا التنفيس مهم جداً حتى لا تصل حالة التململ الداخلي الى ثورات سيلسية و اجتماعية و هي أشد ما يخشاه النظام هناك.

أتفق معك في غضب السعودية العارم من تمرد البحرين التي دائماً ماينظر لها على أساس التابع الوفي لمملكة الحرمين الشريفين , ولك أن تتخيل فقط لو أن هذه الخطوة التي نعتتها السعوديه بالخطوة الانفرادية كانت قد صدرت من دولة مثل قطر , هل كان الغضب السعودي سيصل ال هذا الحد؟ لا أظن ذلك طبعاً.

ولكن لا أظن أبداً ان العناد البحريني كان بسبب عقلية القبيلة, بل لسبب بسيط جداً وهو أن الدولة الأخرى هي الولايات المتحدة و هي بالطبع مظلة أكبر و أوسع من جارتنا الكبيرة.

النقطة المهمة في كل هذا الصخب الخليجي هو مدى هشاشة العلاقات الخليجية التي تقوم على مبدأ الخصام و الزعل من منطلق العقليات القبلية والتي أدت لان تقوم دولة كالمملكة السعودية بقطع المساعدات عن البحرين من غير أي اعتبار للأسباب الأستراتيجية التي أوجدت هذه المساعدات في الأساس.

للأسف الشديد هذا يؤكد كلام رئيس مجلس النوب خليفة الظهراني , أن وجود النظام القائم في البحرين هو الضمانة الوحيدة لتدفق المساعدات الخليجية المهمة للاقتصاد البحريني الهش. أقول للأسف الشديد لأن هذه النقطة ستستخدم كذريعة لاسكات الأصوات المطالبة بأي نوع من الاصلاح داخل مملكتنا الصغيرة.