هناك حالة غريبة تستدعي الدراسة من علماء الإجتماع قد أتناولها بشكل موسع مستقبلا وهي ظاهرة تحول المعارضين إلى موالين صحاب مناصب، ولا أعلم هل السر هو في فن السلطة في شراء المعارضين، ام أنه المجتمع الذي لا تستطيع أية قوة معارضة الاعتماد، أم هو شيخوخة الفكر المعارض او الشخص المعارض.
ليس هذا هو موضوعي الآن وإنما موضوعي هو في مشروع الوسط التجاري والذي أصر على أنه مشروع تجاري ليس مشروع له علاقة بالسياسة برغم أن الماسك بأوراقه دائما ما يحاول اللعب، أو تمثيل بعض أدوار السياسة وغالبا ما يفشل إلا ان المسألة هي في المشروع نفسه، ولكن الناس والمجتمع دائما ما تتعامل مع الصحيفة من واقع أنها صحيفة معارضة - مع أن الناس تسلبها هذه الصفة- ولكن في اللاشعور تراهم يريدون فرض رؤاهم على الصحيفة لكي تقول ما يقولون، هذا من وجهة نظري لأنهم يعتبرونها صحيفة معارضة، لا أعرف من أين اكتسبت صفة المعارضة هذه الصحيفة، هل من إرث رئيس تحريرها الذي كان معارض سابق، أم من إرث والده صاحب الامتياز، أم من إرث طبيعة الطاقم العامل فيها، فكثير منهم ممن كان له دور بارز في الانتفاضة السابقة.
هناك تفاصيل حول الصحيفة لا مجال للاستطراد فيها، ولكن باختصار فهي - أي الصحيفة- موضع خلاف بين بعض جهات المعارضة، بين من رأى أنها حق له واستطاع مجلس الإدارة بعد سعي رئيس تحريرها الحالي ان يحصل على الامتياز، وبين من يرى أنه امتياز خاص، ولكن بقي الكثير من الناس ينتظرون موعد صدورها معلقين الكثير من الآمال على ما يمكن أن تحدثه الصحيفة على مستوى الإعلام، لم يكن الترقب والانتظار هو للناس فقط، فقد استنفرت حتى بعض الصحف المحلية- الأيام مثالا- وقالت بأن موعد صدور الوسط هو موعد لـ "الأيام غير" وذلك كله يعبر عن الخوف من وجود صحيفة تستطيع أن تلعب دور في بلد محاط بتاريخ أسود لا يستطيع التعامل معه الكثير، رئيس التحرير نفسه في الندوة الجماهيرية التي اقيمت في النادي الأهلي وقت صدور الدستور حاول أن يبرهن على أنه قادر على أن يلعب دور حينما أعلن "نحن سنقول رأينا من خلال جريدة الوسط" وأخبرني حينها أحد المساهمين في الوسط، أنه لا يحق لمنصور أن يقول ذلك لأن الشركة تجارية وليست حزب سياسي لكي تعلن رأيها، لكنها عبرت عن ما يجول بخاطر منصور من ارسال رسالة من أنه قادر على اللعب ولعب دور خصوصا وأنه أطلق هذه الكلمة أمام ندوة جماهيرية قدرها المراقبون بعشرة آلاف شخص، الصحيفة لم تستطع أن تصمد أمام القوانين المقيدة- والتي لا زالت سارية- وهذا ما دفع إدارة التحرير إلى انتهاج سياسة "اظهار المظلومية" فالوسط دائما ما تقول نحن نحارب، لكي تستجلب الجانب العاطفي لدى الناس، وللأمانة فهناك كيل بمكيالين تجاه الوسط في بعض القضايا.
بعد انطلاق مشروع الوسط في مرحلته الأولى - مرحلة اصدار الصحيفة- بدى واضحا في البداية أنها تريد أن ترفع سقف الصحافة، لكن اصطدمت بواقع مر ونظام غير قابل للتغيير إلا جزئيا، إضافة إلى أن أهواء الإدارة أخذت تتدخل في سياسة الصحيفة ولم تعد مستقلة، بل تداخلت مصالح الإدارة إلى جانب مصالح المستثمرين ومصالح الدولة وتحولت الصحيفة إلى منطقة تتجاذبها المصالح بحكم ترابط المصالح. ولما أن لم تلبي الوسط ما كانت تطمح إليه الناس فقد بدأت أصوات النقد تعلوا أمام الجميع وتم استدعاء ماضي بعض العاملين فيها فقط لكي ينتصروا على حلم ضاع منهم، لماذا أعتقد أن الناس تنظر إلى الصحيفة على أنها صحيفة معارضة؟
الناس في طريقة تعاملهم مع صحيفة الوسط يختلفون عن طريقة تعاملهم مع بقية الصحف الأخرى كالايام مثلا، فهم يحاولون أن يلوموا تارة ما تقوم به الوسط، ويتمنون عليها لو أنها عملت كذا، هذا لا يفعلونه مع أي صحيفة أخرى، فالموروث من فترة الانتفاضة يغذي موقف صحيفة الايام مثلا لذلك مهما فعلت هذه الصحيفة فإنها لا تتعرض الى نقد من مثل هذا النوع، عندما تنشر الأيام خبرا عن لا يرضي الناس فهم اقصى ما يقولونه "ماذا تريدون من صحيفة سلطة" ولكن عندما تقوم الوسط بنشر شيء لا يرتضونه فهم يلومونه ، واحيانا ينتخون شيمتها ويستدعون تاريخها المعارض، هكذا هم الناس مع الوسط، فهل لأن الوسط صحيفة جديدة لم يسيطر عليها الموروث بعد ؟!
أعتقد لا فصحيفة الميثاق حديثة الصدور وهي مرتبطة بتيار عُرف عنه أنه ذائب في السلطة بين الناس، وبرغم أن تغطية الميثاق في كثير من الأحيان افضل من الوسط خلال الفترة البسيطة التي خرجت فيها، لكن الصورة في المتخيل حول صحيفة الميثاق هي نفسها صورة موقف ذلك التيار من الانتفاضة، لذلك فالتلقي عادة عدائي لكل ما تقوم به الصحيفة، ولا يكترث الناس هل اعجبنا ما كتبته الميثاق أم لا، ولكنهم لا يقفون هكذا مع الوسط، الناس تريد من الوسط أن تقوم بكثير من الامور التي لا يعلمون في كثير من الأحيان بأن المصالح هي من تسيطر على الوسط.
كنت دائما أقول لمن التقيه وينتقد الوسط أمامي أن الوسط مشروع تجاري ومن حق إدارة المشروع أن تتخذ أي قرار تراه يخدم إدارتها، ولكن الكثير يتمنى ويرجو لو أن الوسط قامت بأمور معينة، كنت استغرب هذه النظرة الازدواجية، خصوصا وأنهم يعلمون أن رئيس مجلس الإدارة هو فاروق المؤيد، وهو رجل لديه مصالح تجارية، وفيها أخو حسن فخرو مستشار الملك آنذاك، إذا هناك تداخل بين مصالح التجارة ، ومصالح الدولة، ووجود اسم لرجل يقول انه كان معارضا والآن مراقبا، وأباه من كبار المعارضين ، يعطي تداخلا عجيبا على الطرف الآخر مما يرجونه الناس من هذا المشروع، فهل سذاجة الناس وصلت إلى حد التصديق أن أمثال هؤلاء المستثمرين سيستثمرون لعيونهم؟!؟!؟!
الذي زاد استغرابي في طريقة النظر إلى الوسط، ليس الناس وطريقتهم في النظر الى الوسط، بل موظفين الوسط نفسهم كيف ينظرون إلى صحيفتهم، لقد اعترض بعضهم واصيبوا باحباط كبير لموقف الإدارة القاضي بمنعهم او منع زملائهم من تغطية جلسات النواب، ويفترض بهم أنهم يعيشون ضمن جو المشروع ليستشعروا أن المشروع بالدرجة الأساس تجاري وليس معارض، فلعلهم هم أنفسهم لم يفهموا أنهم يعملون ويتلقون قرارات من مجلس الإدارة قد تختلف معها أو تقبلها ولكن عليك بتنفيذها لأنها قرارات الإدارة، ففاروق رئيس مجلس الإدارة هو من أعطى الظهراني كلمة بعدم حضور بتول السيد إلى البرلمان، ونقلت أخبار الخليج أن منصور طلب من بتول الإنسحاب، وفاروق هو من اتصل بعباس بو صفوان وهو في اجتماعه من الظهراني وطلب منه الانسحاب وليس احتجاجا، وعباس نفسه يقول " لا تظلموا فاروق فالقرار قرار منصور"!!! وبتول تتغيب عن العمل ، وهناك إحباط وكأن القضية قضية مبدأ تمت مخالفته وليست قضية قرار إداري ينظر إلى مصلحة المشروع التجاري وليس لمصلحة الموظف أو الغلبة
رئيس التحرير نفسه والذي قبّل الظهراني اعتذارا يعرف أن الظهراني نفسه هو من أخرج الشريط الى المنبر، ومع ذلك يعتذر للظهراني، على ماذا لا تعلم، ولكن لو كنت مديرا لمشروع تجاري ورأيت أن مصلحتك التجارية تقتضي هذا الاعتذار ربما كنت فعلت نفسه، عباس ابو صفوان من شدة انزعاجه يقول حول تغطية فاطمة الحجري معترضا على أن قامت بوصف الظهراني بـ"ربان السفينة" ويقول أبو الطائفية الظهراني أصبح ربان السفينة فماذا بقي لتقول لخليفة بن سلمان، كان هذا كلام عباس الذي أصبح في حالة شجار دائم منصور منذ يوم الحادثة
الفكرة الأساس إن أطلت عليكم، هو إثارة في أن الوسط مشروع تجاري وليست مشروع معارضة، فلا تحملوها ما لا تستطيع أن تحمله هي نفسه
1 comment:
اوافق مع كل ما اسردت لنا.. منصور الجمري في موقف لا يحسد عليه...فعليه برضاء الاداره والذي تريد تحقيق طموحاتها التجارية..وعليه برضاء الحكومة و وزارة الاعلام بالاخص و قوانين الصحافة المتخلفة من جنب..و من طرف اخر عليه برضاء الناس او القراء و تلبية امنياتهم بصحافة واقعية و حره من خلال الوسط
في النهاية من المستحيل ان منصور سيحقق كل هذا..فالمصالح متضاربة بين المستثمر و الحكومة و الناس.. و ما حصل مع الظهراني الا مثل واحد في هذا التصادم
و محاولات منصور اللعب على الحبلين ادى الى فقد مصداقيته من كل الاطراف
Post a Comment