يتناول البعض مفهوم السلطة الخامسة للتعبير عن سلطة الشارع والشعب قبال السلطات الأربع وهي التنفيذية والتشريعية والقضائية والصحفية، يعبرون عنه بقدرة الشارع على تكوين قناعته وقيادة نفسه بنفسه عبر مؤسسات المجتمع المدني أو عبر مؤسساته الرمزية التي تؤثر فيه تبعا لاختلاف ثقافاته وكيف بامكانه أن يفرض نفسه ويفرض معادلته في قبال السلطات الاخرى ومعادلاتها
الأمثلة حية على قدرة هذه السلطة على التأثير في مجريات الأمور ابتداءا من فنزويلا وجورجيا وأوكرانيا وانتهاءا بلبنان وقرقيزيا
في بعض الأحيان تكون هذه السلطة مباركة من القوى العظمى وأحيانا أخرى تعد تجاوزا للأعرف على حسب تعبيرات البيت الأبيض الأمريكي
ربطا لهذا بموضوع مسيرة الإصلاح الدستوري أولا والتي نجحت في حشد الآلاف فهناك تخوف لدى الدولة من انتشار هذه المظاهرات بلحاظ قدرة المؤسسات المدنية والرمزية في مجتمع كمجتمع البحرين في حشد الشارع بالآلاف والأمثلة على ذلك لا تزال حية في الأذهان وما يتليه من استتباع ان يتحول الشارع الى سلطة تحرج نظرية "الأسرة الواحدة" وتلغي نظرية "المجالس المفتوحة " إلى الشوارع المفتوحة ، إضافة إلى الكلام الكثير الأمريكي حول دمقرطة الشرق الأوسط والتي ازداد الكلام عنها بعد استلام الوزيرة الجديدة لحقيبة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس
فبوش لازال يصر على أن نموذج البحرين نموذجا يحتذى به في تطبيق الديمقراطية في مشيخة الخليج ويزعم أنها تحظى بدعم شعبي، ولكن أمام هذه التظاهرات الألوفية يصبح الأمر مختلفا ويظهر بوضوح أن الإجماع المزعوم لا وجود له ، وبالتالي احتمالية وجود ضغوط أمريكية أخرى على المنطقة من أجل التغيير وارد خصوصا وأنه يحظى بدعم الأمريكان بعد أن وجدوا أن هناك تغيرا في طرق التفكير لدى الكثير من المفكرين العرب المؤيدين لتطبيق انموذج العراق في بلدانهم ليستبدلوا الديكتاتوريات الموجودة
وبالنظر إلى طبيعة العقلية التي تحكم فانها أيضا لا تحبذ أن لا يظهر الاجماع على ما تقوم به من مشروعات لعل ابرزها الدستور ولن يكون آخرها الفورملا1
أمام هذا كان لابد للدولة ان تحاول فرض نظريتها ولو بقوانينها التي تحتمل التفسيرات التي تريدها الدولة ايا ما كانت ، لذلك الدولة تحاول دائما أن تحيلك الى قنواتها المعهودة ، البرلمان او المجالس المفتوحة، لان طبيعة الدولة لا تحتمل وجود مؤسسات مجتمع مدني تقوم بدورها على أكمل وجه، ويبدو أن قدرة الدولة على الرجوع للوراء غير ممكنة أمام المعطيات المتواردة في الواقع المحلي والاقليمي
الاستنفار الذي قامت به بعض اجهزة الدولة ضد مسيرة الإصلاح الدستوري كان من اجل تدارك الامر في أن لا يكون هناك تتابعات لهذه المسيرة والتخويف بالدماء وهو اكثر ما يخيف القيادات الدينية في البلد له غايته ومقصوده
لكن الدولة تشأ أن تحارب المسيرة بالمضمون الذي خرجت به بل حاربت العدد واصبحت التصريحات هي حول العدد، فمن جهة تعلن الجهة المنظمة عن أن العدد بعشرات الألوف تشهد بذلك الصور والحضور، اتصل مسؤول رفيع في وزارة الاعلام برؤساء التحرير في بعض الصحف طالبا منها ان لا يكون العدد المتداول عن ألف شخص هنا يبرز السؤال ما الذي يزعج الدولة من ظهور عدد كبير ضد إرادتها
اعتقد أن تنبه الدولة الى قدرة المؤسسات الموجودة على التحشيد وما يمكن ان يقوموا به في قلب المعادلات بملاحظة اهتمام السفارة الامريكية في البحرين بكل الاحداث التي تحدث في البحرين هذه الايام يجعلها تخشى من ظهور الخلل الذي تخفيه عن الناس
كذلك تخشى الدولة مشكلاتها التي اوجدتها في الفترة السابقة كالتعذيب والشهداء والتجنيس والخلل الدستوري وتطالبنا بالعدول عن التفكير في هذه المشكلات وكانها ليست مشكلة
لازال الوضع في البحرين يتطلب شجاعة ونفس ليس طويلا جدا ولكن صبورا
لا اعتقد ان الدولة تجرؤ حاليا على الرجوع للأحداث ولو استنفرت الامور طائفيا فالدولة عاجزة عن الدخول في المعترك لذلك اعتقد لو صبر الاخوة في الوفاق وواصلوا الاصرار في تسيير المسيرات فإن المردود سريعا