مع بداية تسلمه لمقاليد الحكم بدأت اجواء من الإنفراج مترددة تسود الساحة بعد خمس سنوات من بدء انتفاضة الكرامة والتي كشفت عن الوجه الاسود للحقبة الماضية والتي كان يقودها ويديرها خليفة بن سلمان رئيس الوزراء وظهر مشروع الميثاق ليُظهر لنا مشروع الملك المُطمئن ، والذي يطمئننا بكل شيء، اطمئنوا، هناك تحول للإصلاحات قادم، هناك عدل منظور، وهناك إفراجات سياسية، بدأت خطابات التطمين تخدر الناس حتى أُطلق على ذلك العام بعام التخدير، فالناس بدأت تثق في الملك المُطمئن الذي اتاها بعد حقبة سوداء امتلئت فيها السجون بالشرفاء من ابناء البحرين، وأطلقت الايادي للإفساديين المتملقين ليعيثوا فسادا، فأصبحت التركة ثقيلة ، فمن فساد مالي إلى أخلاقي إلى إداري إلى إجتماعي، وبدأ وجه مشرق يتوعد البحرين بمستقبل الكرامة والحرية، ولكن بعد نكسة 14 فبراير والتي اصدر الملك نفسه دستورا يمنحه كافة الصلاحيات تحول الملك إلى ملك إداري، فقد أبعد عمه رئيس الوزراء عن إدارة الملفات السياسية واقتصرها على نفسه، كما حاصر عمه في إدارة الملف الإقتصادي عبر إنشائه مجلس التنمية الإقتصادي والذي يراسه ولده ولي العهد سلمان بن حمد وقرارات هذا المجلس ملزمة لرئاسة الوزراء وكأنه يريد أن يقصر دور عمه في إدارة الخدمات للدولة وهناك تدقيق على هذه ايضا من قبل ديوان الرقابة التابع للديوان
لكن الملك نفسه لم يطيل أمره في مسألة الملك الإداري وتحول إلى الملك المُرعب ، فالمشاكل التي خلفتها الحقبة السوداء والتي يرفض الملك التكلم عنها بصراحة ، تلك المشاكل بدأت تتفجر تبعاتها، التمييز والاعتقالات والتعود على البطش والاستئثار بالسلطة وبالمال، كل ذلك ادى إلى أن تصبح المشاكل مشاعا بين الناس تحفزهم على التحرك بجدية نحو ممارسة حقوقهم المشروعة من اعتصامات وندوات وكلام وفق سقف عالي، فالناس تعلم أن سبب المشاكل هو الحكم وليس هم، إنما هم من يعانون من مشاكل الحكم، وعليه فإن الحكم كلما تورط في مشكلة سياسية، إختلق مشكلة أمنية ليصرف الإهتمام من المشكلة السياسية إلى مشكلة أمنية هو يختلقها، هو يديرها، فالحكم بارع في إدارة وتوجيه المشاكل الأمنية على عكس المعارضة الذي دائما ما تقع في فخ المشاكل الأمنية وتتراجع، ومن هنا فإن الحكم ممثلا في الملك استطاع أن ينتج المشاكل الأمنية ، وعليه ، أصبح الملك دائما ما يظهر لنا بصورة الملك المرعب، فمرة بالبزة العسكرية، ومرة بالتصريحات الإلغائية، ومرة بالتهديد، لقد تحولت صورة الملك من الملك المُطمئن إلى الملك المرعب، الملك الذي يهددنا، والملك الذي يتوعدنا بأن إن لم تكونوا معي فأنتم أعدائي
هذه الصورة للملك لا نريدها، هي لا تخدم الوطن، لا ترتقي بالوطن ، هذه الصورة هي من جعلت سوق الاستثمار يقف، منذ ستة أشهر ومؤشر بورصة البحرين لا يتحرك، والمستثمرين يخافون الاستثمار ، البنوك بالفعل بدأت بالتفكير في الخروج من البحرين، الاقتصاد واقف بلا نمو ملحوظ ولا قوة مدروسة، ليس كلام معارضة بل كلام يستطيع أي متابع للأخبار ملاحظته، هذا ليس بسبب الاعتصامات ، وليس بسبب المسيرات والمظاهرات، فهذه نتيجة للمشكلة، المشكلة الأساس هي في الاستعداء المتعمد من قبل الحكم ، والتمييز الممارس من قبل الحكم، المشكلة هي مشكلة السلطة لا مشكلة الشعب، هذه نقطة مهمة، أما أن تخلق لنا السلطة المشاكل ويظهر لنا الملك بصورة "الملك المرعب" فهذا ما لا نحتاجه، وأثبتت التجارب العديدة أن محاولة تركيع الشعب لا فائدة منها فلا يوجد شعب يحترم نفسه وذاته يقبل ان يُركع
إن كل ما فات لا نحتاجه، بل ما نحتاجه هو الملك العادل عوضا عن الملك المُطمئن أو الملك المرعب، فقد شبعنا طيلة الحقبة السوداء من الرعب، وشبعنا طيلة عام التخدير من الاطمئنان، وأعتقد أنه حق لهذا الشعب المؤمن البحراني أن يحظى بعدله فهو حقه بلا منة من أي أحد عليه
قديما قالوا، الملك يدوم مع الكافر العادل ولا يدوم مع المسلم الظالم، وبرغم الجدل الذي تحدثه هذه النظرية لدى المدرسة السنية، إلا أن سنن الحياة والكون أثبتت أن الظلم لا يمكن أن يستمر